غزة/ سماح المبحوح:
تتفاقم معاناة حوامل غزة يوما بعد الآخر، حيث يجدن أنفسهن بين خيارات صعبة ما بين فقدان حياتهن أو أجنتهن في ظل شح المواد الغذائية وارتفاع أسعار المتوفر منها، وكذلك نقص الادوية والفيتامنيات الخاصة بهم، وسط استمرار حرب الإبادة الجماعية المتواصلة على القطاع منذ أكثر من 21 شهراً.
وقال صندوق الأمم المتحدة للسكان، عبر منصة “إكس”، إن الحوامل في غزة “يتضورن جوعًا، ويعشن في خوف دائم، ويُجبرن على الولادة في ظروف غير إنسانية”.
وأشار الصندوق إلى أن حالة حمل واحدة من كل ثلاثة، تُصنّف على أنها عالية الخطورة، في حين يولد طفل من كل 5 أطفال إما مبكرًا أو ناقص الوزن، بينما 40% من الحوامل والمرضعات يعانين من سوء تغذية حاد.
وأكد الصندوق أن هذه ليست مجرد أزمة صحية، بل “حكم بالموت” يتهدد حياة الأمهات وأجنتهن في ظل عجز المجتمع الدولي عن وقف الانهيار الإنساني في القطاع.
أما منظمة أطباء بلا حدود، فكشفت أن طفلًا من كل أربعة، وأن نساء حوامل يعانون من سوء التغذية مع استمرار سياسة التجويع في غزة.
وأضافت المنظمة، أن 25% من الأطفال والحوامل الذين خضعوا للفحص يعانون من سوء التغذية، مؤكدة أن ما يحدث في غزة تجويع متعمد صنعته القوات الإسرائيلية.
وطالبت المنظمة القوات الإسرائيلية السماح بدخول الإمدادات الغذائية والمساعدات إلى غزة على نطاق واسع.
معاناة مستمرة
تبدو علامات الإرهاق والتعب الشديدين واضحين على ملامح نور سمير التي جاءت لأحدى العيادات الطبية في مدينة غزة ، وهي تجر قدميها بصعوبة لإجراء فحوص طبية في إطار متابعة حملها.
ويؤشّر هذا الإرهاق الواضح على المواطنة نور إلى معاناتها من سوء التغذية الناجم عن شحّ المواد الغذائية والغلاء الفاحش للمتوفر منها، في ظل استمرار حرب الإبادة والتجويع منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، علماً أنّ وقف اطلاق نار هشّة كانت قد دخل حيّز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني 2025 قبل أن تستأنف «إسرائيل» عدوانها بعد أقلّ من شهرَين في 18 مارس/آذار 2025.
وتقول في حديثها لـ»الاستقلال» دخلت منذ أيام شهري السابع ولا أستطيع توفير الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية لإكمال حملي دون متاعب».
وتضيف ة البالغة من العمر( 24 عاما)، بوجهها الشاحب، وجسدها المرتجف:» بعد اجراء الفحوص الطبية تبين أن دمي 8،5 بسبب انعدام التغذية، وإذا استمر في النزول أكثر من ذلك، اخربني الطبيب إنهم سيضطرون لنقل وحدات دم للعمل على رفع النسبة».
وتشير إلى أنه في ظل شح المواد الغذائية وارتفاع الموجود منها في الأسواق، فإن زوجها لا يستطيع شراء أي نوع من الطعام ، ويعتمدون بشكل شبه كامل على طعام التكية والذي لا يخرج عن أصناف محددة جلها العدس.
ويُعرّض سوء التغذية النساء لخطر فقر الدم، وتسمم الحمل (ارتفاع ضغط الدم ووجود بروتين في بول السيدة الحامل) والنزيف، وحتى الوفاة، كما يُهدّد حياة الأجنّة والخدّج، الذين قد يُولدون بوزن منخفض، إضافة إلى ما يسببه من تأخر في النمو الجسدي والمعرفي لدى الأطفال بعد ولادتهم.
وفي ظل غياب وسائل دعم الرضاعة الطبيعية، تُشير تقارير المنظمة إلى أن بعض الأمهات يُضطررن لإعطاء أطفالهن زجاجات ماء أو خليطًا من الماء والحمص المطحون أو الطحينة، ما يُفاقم خطر الإصابة بسوء التغذية.
مخاوف يومية
أما السيدة الحامل في شهرها الرابع سماح سامي فإن حالها لا يتخلف كثيراً عن سابقتها، فهي الأخرى تعاني من هبوط حاد في ضغط الدم، ودوران مستمر ونسبة دم منخفضة، بسبب قلة تنوع الطعام التي تتناوله، لعدم توفر الأفضل منه.
وتوضح سماح لـ»الاستقلال» أن مخاوفها تزداد يوما بعد الآخر من ازياد سوء حالتها، وتأثيرها على جنينها وصولا لفقدانه بسبب ما تعانيه من فقر دم الذي وصل إلى نسبة بلغت 10، وانخفاض ضغطها بشكل كبير.
وتبين أن الأدوية التي تتناولها كأقراص الحديد والفيتامينات لم تحسن من وضعها الصحي كثيرا، مؤكدا أن الطعام له دور أساسي في علاج ما تعانيه من أعراض تؤثر على صحتها و استمرار حملها بسلامة، متأملا أن تعود مراكز توزيع المساعدات بالعمل من جديد، و يتوفر الطعام كالخضروات واللحوم والفواكه بالأسواق بأسعار مناسبة تمكنها من شراء ما يقوي جسدها ويضمن سلامة جنينها.
التعليقات : 0